يرى براندون جيه. وايكرت، كبير محرري شؤون الأمن القومي، أن توجه مصر نحو التعاون العسكري مع الصين يعكس تحولًا استراتيجيًا عميقًا في الشرق الأوسط، حيث تسعى القاهرة إلى بناء قدرات ردع جديدة في مواجهة ما تعتبره سلوكًا إسرائيليًا عدوانيًا ومتغيرًا. ويضع هذا التعاون العسكري ضمن سياق أوسع لتراجع النفوذ الأميركي في المنطقة وصعود قوى دولية بديلة.
تشير مجلة ذا ناشيونال إنترست إلى أن الشرق الأوسط لم يعد ساحة نفوذ مضمونة للولايات المتحدة، بل أصبح مسرحًا مفتوحًا لقوى تنافسية مثل الصين وروسيا، في ظل ما تصفه المجلة بغياب الانتباه الاستراتيجي الأميركي للتحولات الجارية، سواء في واشنطن أو حتى في تل أبيب.
تحولات إقليمية على حساب إسرائيل
تسود حالة حذر متزايدة في العالم العربي منذ الغارات الجوية الإسرائيلية على أهداف يُشتبه بارتباطها بحركة حماس في الدوحة. وتدفع هذه التطورات الدول العربية إلى إعادة تقييم منظوماتها الأمنية، خاصة مع قناعة متنامية بأن الولايات المتحدة لم تعد شريكًا يمكن الاعتماد عليه في توفير مظلة أمنية مستقرة. وفي هذا السياق، تتحرك قوى إقليمية عدة لإعادة ترتيب المشهد.
تتقدم تركيا بخطى محسوبة لتعزيز حضورها الإقليمي، بينما تفتح السعودية قنوات تواصل دبلوماسي مع إيران، في محاولة لإدارة التوازنات بدل الصدام المباشر. وفي المقابل، تدفع مصر باتجاه إنشاء قوة تدخل عربي سريع، لا بهدف احتواء إيران كما طالما رغبت واشنطن، بل لردع إسرائيل، وفق رؤية القاهرة لمعادلات الأمن الجديدة. غير أن هذا الطرح يواجه عراقيل، أبرزها الخلاف المصري–السعودي حول قيادة أي تحالف عسكري عربي محتمل.
مصر تتجه شرقًا بحثًا عن الدعم العسكري
في ظل هذه البيئة الإقليمية المتقلبة، تتجه مصر شرقًا، وتحديدًا نحو الصين وروسيا، لتعزيز قدراتها العسكرية. وخلال الأشهر الأخيرة، فتحت القاهرة أبوابها أمام شراكات عسكرية صينية بهدوء لافت، وشهدت الأراضي المصرية مناورات عسكرية مشتركة بين الجيشين المصري والصيني، في إشارة واضحة إلى تنامي الثقة المتبادلة.
وتكشف التقارير عن شروع شركة «نورينكو» الصينية المملوكة للدولة في إطلاق منشآت إنتاج مشترك داخل مصر لتصنيع طائرات مسيّرة مسلحة. ويشمل التعاون توطين إنتاج الطائرة الصينية ASN-209، التي تحمل في النسخة المصرية اسم «حمزة-2». وتنفذ نحو 85% من عملية التصنيع محليًا عبر الهيئة العربية للتصنيع، ما يمنح مصر خبرة تقنية متقدمة ويعزز استقلالها الصناعي العسكري، بينما تفتح الصين لنفسها سوقًا جديدة وتوسع نفوذها في الشرق الأوسط.
مسيّرات متقدمة لردع إسرائيل
تشير التقديرات إلى أن طائرة «حمزة-2» تنتمي إلى فئة الطائرات المسيّرة متوسطة الارتفاع، المخصصة لمهام الاستطلاع والمراقبة والضربات الدقيقة. وتعتمد الطائرة تصميمًا ثنائي الذيل ومحركًا مكبسيًا بسيطًا، ما يمنحها مدى تشغيليًا طويلًا يصل إلى نحو 1500 كيلومتر، وسرعة قصوى تقترب من 200 كيلومتر في الساعة. وتوفر هذه الخصائص قدرات نوعية جديدة للقوات المسلحة المصرية، سواء في مجال جمع المعلومات أو تنفيذ عمليات دقيقة.
ويضع الكاتب هذا التعاون ضمن إطار أوسع من التحديث العسكري المصري، الذي يستهدف، وفق التحليل، تعزيز الردع في مواجهة إسرائيل تحديدًا. وترى القاهرة أن السياسات الإسرائيلية في حرب غزة، وطريقة تعاملها مع جيرانها العرب، تجاوزت حدود المقبول. كما تثير المخاوف المصرية محاولات إسرائيل دفع سكان غزة نحو سيناء، وهو سيناريو تعتبره مصر تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.
يسعى هذا التعاون مع الصين إلى إحداث ما يشبه «ثورة في الشؤون العسكرية» داخل مصر، بما يسمح لها بفرض توازن ردع جديد. وبينما تؤكد إسرائيل أن خطواتها تندرج ضمن الدفاع عن النفس في بيئة إقليمية معادية، يخلص التحليل إلى حقيقة أساسية: مصر تبني قدراتها العسكرية الجديدة بدعم صيني، واضعة إسرائيل في قلب حسابات هذا التحول الاستراتيجي.
https://nationalinterest.org/blog/buzz/why-china-helping-egypt-build-new-drones-bw-121325

